بعد انتهاء موسم الطاعات في شهر رمضان المبارك، حثّت الشريعة الإسلامية على استثمار ما اعتادت عليه النفس من الصيام، فشرّعت صيام ستة أيام من شهر شوال، 🌙 موعودةً بثواب عظيم مقابل عمل يسير. فمن صامها بعد رمضان كان كمن صام الدهر كله، كما أخبر بذلك النبي ﷺ.
📖 وإليك، عزيزي القارئ، خلاصة لأهم الأحكام المتعلقة بصيام هذه الأيام، لتكون على بيّنة إن عزمت على أدائها.
✨ حكم صيام الستّ من شوال، وهل هي واجبة؟
✅ صيام ست من شوال بعد فريضة رمضان سنّة مستحبّة وليست بواجب، ودليل ذلك ما جاء في الصحيحين:
جَاءَ رَجُلٌ 👤 إلى رَسولِ اللَّهِ ﷺ، فَإِذَا هو يَسْأَلُهُ عَنِ الإسْلَامِ، فَقَالَ رَسولُ اللَّهِ ﷺ: خَمْسُ صَلَوَاتٍ ⏳ في اليَومِ واللَّيْلَةِ،
فَقَالَ: هلْ عَلَيَّ غَيْرُهَا؟
قَالَ: لَا، إلَّا أنْ تَطَّوَّعَ ✨،
فَقَالَ رَسولُ اللَّهِ ﷺ: وصِيَامُ شَهْرِ رَمَضَانَ 🌙،
قَالَ: هلْ عَلَيَّ غَيْرُهُ؟
قَالَ: لَا، إلَّا أنْ تَطَّوَّعَ،
قَالَ: وذَكَرَ له رَسولُ اللَّهِ ﷺ الزَّكَاةَ 💰،
قَالَ: هلْ عَلَيَّ غَيْرُهَا؟ قَالَ: لَا، إلَّا أنْ تَطَّوَّعَ،
فأدْبَرَ الرَّجُلُ وهو يقولُ: واللَّهِ لا أزِيدُ علَى هذا، ولَا أنْقُصُ،
قَالَ رَسولُ اللَّهِ ﷺ: أفْلَحَ إنْ صَدَقَ ✅. [أخرجه البخاري (2678)، ومسلم(11)]
💡 ووجه الدلالة أن النبيُّ ﷺ ذكَرَ له الصِّيامَ، وأنَّه يَجِبُ عليه صِيامُ رمضانَ. فقال: هل علَيَّ غيرُه؟ قال: لا يَجِبُ عليك غيرُه، إلَّا أن تَتطوَّعَ، فتَصومَ أيَّامًا في غيرِ رَمضانَ؛ فإنَّه مُستحَبٌّ تُثابُ عليه.
🌟 وفي الحديثِ: أنَّ الإنسانَ إذا اقتَصَر على الواجِبِ في الشَّرعِ فإنَّه مُفلِحٌ، ولكنْ لا يَعْني هذا أنَّه لا يُسَنُّ أنْ يَأتيَ بالتَّطوُّعِ؛ لأنَّ التَّطوُّعَ تُكمَّلُ به الفرائضُ يومَ القِيامةِ. 🏆
ما فضل صيام الستّ من شوال؟ 🌙
يشرع للمسلم صيام ستة أيام من شوال، وفي ذلك فضل عظيم، وأجر كبير، ذلك أن من صامها يُكتب له أجر صيام سنة كاملة، كما في حديث أبي أيوب -رضي الله عنه- 📖:
"أن رسول الله ﷺ قال: "مَن صامَ رَمَضانَ ثُمَّ أتْبَعَهُ سِتًّا مِن شَوَّالٍ، كانَ كَصِيامِ الدَّهْرِ". [مسلم (1164)]
📌 في هذا الحديث: أَرشَدَ المُسلمينَ إلى صِيامِ ستَّةِ أيَّامٍ مِن شوَّالٍ بعْدَ رَمضانَ، وبيَّن أنَّ مَن صامَ شَهرَ رَمضانَ كاملًا، ثُمَّ صامَ بعْدَه ستَّةَ أيَّامٍ مِن شوَّالٍ، كانَ لَه مِن الأَجرِ مِثلُ ما يُعادِلُ صِيامَ العامِ كلِّه، وهذا مِن عَظيمِ فَضلِ اللهِ عَلى عِبادِه المُسلمينَ بمُضاعفةِ الأَجرِ لهم. ✨
📢 ومن الفوائد المهمّة لصيام ستّ من شوال:
✅ تعويض النّقص الذي حصل في صيام الفريضة في رمضان، إذ لا يخلو الصائم من حصول تقصير أو ذنب مؤثّر سلبًا في صيامه.
✅ يوم القيامة يُؤخذ من النوافل لجبران نقص الفرائض، كما قال النبي ﷺ:
🔹 "إنَّ أوَّلَ ما يُحاسَبُ الناسُ به يومَ القيامةِ مِن أعمالِهم الصَّلاةُ، قال: يقولُ ربُّنا -عزَّ وجلَّ- لملائكتِه -وهو أعلَمُ-: انظُروا في صلاةِ عبدي أتَمَّها أم نقَصَها؟ فإنْ كانتْ تامَّةً كُتِبتْ له تامَّةً، وإنْ كان انتقَصَ منها شيئًا، قال: انظُروا، هل لعبدي مِن تطوُّعٍ؟ فإنْ كان له تطوُّعٌ قال: أَتِمُّوا لعبدي فريضتَه مِن تطوُّعِه. ثمَّ تؤخَذُ الأعمالُ على ذاكم". [صححه شعيب الأرناؤوط في صحيح أبي داود]
🕌 في هذا الحديث: التَّرغيبُ مِنَ الاستِكثارِ مِن نَوافِلِ العِباداتِ. 💖
هل يمكن صيام الست من شوال متفرقة يومي الاثنين والخميس؟ 🤔🌙
لا يُشترط التتابع في صيام الست من شوال، فلو صامها متفرقة أو متتابعة فلا بأس بذلك، وكلما بادر كان أفضل. 💡✨
قال النووي: "وَيُسْتَحَبُّ أَنْ يَصُومَهَا مُتَتَابِعَةً فِي أَوَّلِ شَوَّالٍ فَإِنْ فَرَّقَهَا أَوْ أَخَّرَهَا عَنْ شَوَّالٍ جَازَ" 📖 [المجموع شرح المهذب]
وقال الشيخ محمد بن عثيمين -رحمه الله-:
إذا اتفق أن يكون صيام هذه الأيام الستة في يوم الاثنين أو الخميس فإنه يحصل على أجر الاثنين بنية أجر الأيام الستة، وبنية أجر يوم الاثنين أو الخميس، لقوله ﷺ: "إِنَّمَا الْأَعْمَالُ بِالنِّيَّاتِ وَإِنَّمَا لِكُلِّ امْرِئٍ مَا نَوَى". 💭💖 [فتاوى إسلامية]
هل يحصل الفضل لمن صام ثلاثًا من الست من شوال مع الأيام البيض بنية واحدة؟ 🤷♂️💭
إذا صام ستة أيام من شوال سقطت عنه البيض، سواء صامها عند البيض أو قبل أو بعد؛ لأنه يصدق عليه أنه صام ثلاثة أيام من الشهر. 📆✅
فعن مُعاذةَ العَدَوِيَّةِ أنها سألت عائشةَ -رضي الله عنها-:
أكانَ رَسولُ اللهِ ﷺ يَصُومُ مِن كُلِّ شَهْرٍ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ؟
قالَتْ: نَعَمْ.
فَقُلتُ لَهَا: مِن أَيِّ أَيَّامِ الشَّهْرِ كانَ يَصُومُ؟
قالَتْ: لَمْ يَكُنْ يُبَالِي مِن أَيِّ أَيَّامِ الشَّهْرِ يَصُومُ. 📜 [رواه مسلم (1160)]
📌 والشاهد أنَّ النَّبيَّ ﷺ لم يكن يُواظِب على ثلاثة أيامٍ معينة؛ لئلا يُظن تعيينها. 🕌❤️
ما حكم صيام الست من شوال قبل صيام أيام القضاء؟ 🤔🌙
اختلف أهل العلم فيمن قدم الست من شوال على صيام القضاء على قولين:
1️⃣ الرأي الأول: أن فضيلة صيام الست من شوال لا تحصل إلا لمن قضى ما عليه من أيام رمضان التي أفطرها لعذر. واستدلوا بقول النبي ﷺ: "من صام رمضان ثم أتبعه ستّاً من شوال كان كصيام الدهر"، وبما أن الصيام لا يُعتبر تامًّا إلا بعد قضاء ما فات، فلا تُنال الفضيلة إلا بعد القضاء.
2️⃣ الرأي الثاني: أن فضيلة صيام الست من شوال تحصل لمن صامها قبل قضاء ما عليه من رمضان، لأن من أفطر بعذر لا يزال يُعتبر صائمًا لرمضان حكماً، فإذا صام الست حصل له الأجر المذكور في الحديث.
✅ الراجح: أنه جائز بلا كراهة 👍، لأن القضاء وقته واسع ويمكن تأخيره، بينما صيام الست مقيد بشوال، فقد يفوت فضله إن لم يُقدَّم. والله أعلم. 🤲✨
هل يجوز صيام الست في غير شوال؟ 🤔
اختلف أهل العلم فيمن صام الست في غير شوال، لعذر أو غيره، هل يحصل له فضيلة صومها في شوال، على أقوال:
✅ الأول: الفضيلة تحصل لمن صام ستة أيام في شوال أو بعده، وأن الحديث إنما ذكر شوال من باب التيسير على المكلف، لأن صومها بعد رمضان أسهل من صومها بعد ذلك.
📖 قال ابن مفلح -رحمه الله- في "الفروع": "ويتوجه احتمال: تحصل الفضيلة بصومها في غير شوال، وفاقا لبعض العلماء... ويكون تقييده بشوال لسهولة الصوم لاعتياده".
🤷♂️ الثاني: من فاته صيام ست من شوال قضاها في ذي القعدة، لكن ثوابها يكون دون ثواب من صامها في شوال.
📖 قال ابن حجر المكي في "تحفة المحتاج": "من صامها مع رمضان كل سنة تكون كصيام الدهر فرضًا بلا مضاعفة، ومن صام ستةً غيرها كذلك تكون كصيامه نفلاً بلا مضاعفة".
🚫 الثالث: أنه لا تحصل فضيلتها إلا بصومها في شوال.
📖 قال في "كشاف القناع": "ولا تحصل الفضيلة بصيامها أي: الستة أيام في غير شوال، لظاهر الأخبار".
🔸 قال الشيخ ابن باز -رحمه الله-: "ولا يشرع قضاؤها بعد انسلاخ شوال؛ لأنها سنة فات محلها، سواء تركت لعذر أو لغير عذر".
📌 وها قد وصلنا إلى ختام الأحكام المتعلقة بصيام الست من شوال. إذا كان لديك أي سؤال، فلا تتردد في كتابته في التعليقات، وسيتولى الفريق العلمي في تطبيق المصحف الإجابة عليه.
🕌 نسأل الله لنا ولكم التوفيق والسداد فيما يحب ويرضى. 🙏
شارك هذا المقال
